أزمة روسيا وأوكرانيا: آخر المستجدّات وسيناريوهات الحرب المحتملة
لا تملك أوكرانيا ثقلا سياسيا أو اقتصاديا أو عسكريا كبيرا على الساحة الدولية، لكنها كثيرا ما تتصدر عناوين الصحافة والقنوات التلفزيونية العالمية، نظرا لما تشكله من أهمية استراتيجية لروسيا والغرب في صراعهما على مناطق النفوذ وسط تجدد المخاوف من تحول التنافس على كييف إلى حرب مفتوحة.
كيف نشب التوتر العسكري بين روسيا وأوكرانيا؟
منذ نهاية العام الماضي، يتزايد التوتر العسكري بين موسكو وكييف وسط توجيه اتهامات إلى روسيا بحشد قواتها على الحدود مع أوكرانيا، بينما توجه "جمهوريتا دونيتسك ولوغانسك الشعبيتان"، المعلنتان من طرف واحد، اتهامات إلى السلطات الأوكرانية بالحشد العسكري على خط التماس في منطقة دونباس، شرقي أوكرانيا.
كما تطالب موسكو بضمانات أمنية بعدم انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) خوفا من نشر صواريخ أميركية على الأراضي الأوكرانية، على بعد دقائق من التحليق إلى موسكو، في حال تم قبول عضوية كييف في الحلف.
وبالنسبة لروسيا، فإن أوكرانيا يفترض أن تبقى "تابعة"، أو في الحد الأدنى على الحياد في معركتها مع "خصومها" الدوليين، لا أن تصير تهديدا أو واجهة تهديد. ولعلّ أكثر ما يثير قلق موسكو سعي كييف لعضوية حلف شمال الأطلسي عبر خطوات عملية.
روسيا ترى أن تمدّد حلف شمال الأطلسي، وفي خلفيته التمدد الأميركي، إلى حدودها مع أوكرانيا "خطا أحمر"، ومن ثم تتعامل مع كييف بـ"عدوانية" باعتبارها واجهة لمعركة كبرى تقدّر موسكو أنها تستهدف أمنها القومي ومجالها الحيوي.
ما هي الخلافات الرئيسية بين روسيا وأوكرانيا؟
منذ عام 2014، تعتبر أوكرانيا أن روسيا تحتل أراضيها عن طريق ضم شبه جزيرة القرم ودعم منطقة دونباس المطالبة بالاستقلال عن كييف، لكن موسكو تنفي هذه التهم، بحجة أن عملية "استعادة الوحدة" بين القرم وروسيا جاءت نتيجة لاستفتاء تقرير المصير الذي أجري في شبه الجزيرة، نافية ضلوعها في الحرب الأهلية في دونباس، ومؤكدة أنها من الدول الضامنة لاتفاقات مينسك للتسوية الأوكرانية، وليست طرفا فيها.
وتدهورت العلاقات مع روسيا إلى حد تعليق حركة الطيران بين البلدين منذ عام 2015، مع استمرار التعاون في بعض المجالات الحيوية، مثل ترانزيت الغاز الروسي إلى أوروبا.
ولذلك، تروج كييف بقوة لتعطيل تشغيل مشروع "السيل الشمالي-2" لنقل الغاز الروسي إلى ألمانيا، خوفا من أنه سيساعد روسيا في الالتفاف على أوكرانيا في نقل الغاز، وسيزيد من متاعبها الاقتصادية بعد انتهاء عقد الترانزيت الحالي في عام 2024.
تحركات عسكرية
* في 10 نوفمبر 2021 طلبت واشنطن توضيحات من روسيا بشأن تحركات "غير عادية" لقواتها على الحدود الأوكرانية، وسبق أن حشدت موسكو في أبريل/نيسان نحو 100 ألف جندي على الحدود.
* اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغرب بتسليم أسلحة إلى كييف وإجراء مناورات عسكرية "استفزازية" في البحر الأسود وقرب الحدود.
* في 28 نوفمبر أكدت أوكرانيا أن روسيا حشدت نحو 92 ألف جندي على حدودها، في المقابل اتهمت السلطات الروسية أوكرانيا بحشد قواتها في شرق البلاد.
قمة بين بايدن وبوتين
* في 7 ديسمبر هدد الرئيس الأميركي جو بايدن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ"عقوبات اقتصادية شديدة" في حال غزو أوكرانيا، وذلك خلال قمة افتراضية ثنائية.
* كشفت موسكو عن مسودتي معاهدتين تنصان على حظر أي توسع لحلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO) ولا سيما ضم أوكرانيا، فضلا عن انسحاب قوات الحلف الأطلسي من دول الاتحاد السوفياتي السابق.
قوات في حالة تأهب
* في 18 جانفي 2022 وبعد محادثات غير مثمرة في جنيف ثم في بروكسل نشرت موسكو قوات في بيلاروسيا.
* خصصت واشنطن 200 مليون دولار إضافية كمساعدات أمنية لأوكرانيا، وسمحت لدول البلطيق بتسليم كييف أسلحة أميركية.
* في 24 جانفي أعلن الحلف الأطلسي إرسال سفن وطائرات مقاتلة لتعزيز دفاعاته في أوروبا الشرقية، ووضعت واشنطن ما يصل إلى 8500 جندي في حالة تأهب.
* اتهم الكرملين واشنطن بالتسبب في "تفاقم التوتر"، وبعد فترة وجيزة أجرى مناورات جديدة قرب أوكرانيا وفي شبه جزيرة القرم.
رفض مطالب موسكو
* في 26 جانفي رفضت الولايات المتحدة مطالب موسكو الأساسية.
* التقى موفدان روسي وأوكراني في باريس الوسيطين الفرنسي والألماني سعيا لإعادة تحريك عملية السلام في شرق أوكرانيا.
بكين بجانب موسكو
* في 27 جانفي أيدت الصين "مخاوف موسكو الأمنية المعقولة".
* في 2 فيفري أرسلت واشنطن 3 آلاف جندي إضافي إلى أوروبا الشرقية للدفاع عن الدول الأعضاء في الناتو.
* في 7 فيفري قال فلاديمير بوتين إنه مستعد "لتسويات" بعد لقاء طويل في الكرملين مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي.
* في 10 فيفري بدأت القوات الروسية والبيلاروسية مناورات كبرى في بيلاروسيا.
شبح الحرب في أوروبا
* في 11 فيفري أصر حلف شمال الأطلسي على أن هناك "خطرا فعليا باندلاع نزاع مسلح جديد" في أوروبا، فيما دعت العديد من الدول رعاياها إلى مغادرة أوكرانيا في أقرب وقت ممكن.
* بالنسبة إلى الكرملين، فإن المناقشات التي جمعت في اليوم السابق روسيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا في برلين لم تفض إلى "أي نتيجة".
* أكدت الولايات المتحدة أن الغزو الروسي لأوكرانيا قد يحصل "في أي وقت"، وقررت إرسال 3 آلاف جندي إضافي إلى بولندا.
سلسلة من الاتصالات
* في 12 فيفري اعتبرت أوكرانيا أن التحذيرات الأميركية بشأن غزو روسي محتمل "مثيرة للهلع".
* أعلنت موسكو -التي بدأت مناورات بحرية جديدة في البحر الأسود- أنها ستخفض عدد موظفيها الدبلوماسيين هناك.
* حذّر بايدن نظيره الروسي من "تكاليف باهظة وفورية" قد تترتب على موسكو إذا قامت روسيا بغزو أوكرانيا.
* في 13 فيفري اتفق بايدن ونظيره الأوكراني على مواصلة "الدبلوماسية" و"الردع" في مواجهة موسكو.
* حذّر المستشار الألماني أولاف شولتز من أن العقوبات الغربية ستكون "فورية" في حال غزت روسيا أوكرانيا.
على شفير الهاوية
* في 14 فيفري قررت الولايات المتحدة نقل سفارتها من كييف إلى مدينة لفيف في غرب البلاد.
* دعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى التراجع عن "شفير الهاوية"، معتبرا أن الوضع "خطر جدا".
* عرض وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف على الرئيس فلاديمير بوتين "تمديد وتوسيع" الحوار مع الغربيين.
انسحاب أم تعزيز وجود؟
* في 15 فيفري أكد الكرملين بدء "انسحاب جزئي" للقوات الروسية المتمركزة قرب الحدود الأوكرانية.
* في 16 فيفري أعلن الحلف الأطلسي أنه لا يرى أي مؤشر لخفض التوتر، مؤكدا على غرار واشنطن أن موسكو تعمد على العكس إلى تعزيز وجودها العسكري.
* تصاعد تبادل إطلاق النار بالأسلحة الثقيلة على طول خط الجبهة بين الانفصاليين الموالين لروسيا والقوات الأوكرانية.
* حذّر بايدن من أن روسيا قد تشن هجوما "خلال الأيام المقبلة"، فيما نشرت موسكو 150 ألف جندي على حدود أوكرانيا وفق أجهزة الاستخبارات الأميركية. في المقابل، أعلنت موسكو عملية انسحاب عسكري.
* في 19 فيفري عرض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عقد لقاء مع بوتين الذي كان في هذه الأثناء يشرف على تدريبات "إستراتيجية" تتضمن إطلاق صواريخ فرط صوتية.
* أعلنت واشنطن أن القوات الروسية "تستعد لشن ضربة"، فيما حضت فرنسا وألمانيا رعاياهما على مغادرة أوكرانيا.
* في 20 فيفري أعلنت بيلاروسيا مواصلة التدريبات العسكرية المشتركة مع روسيا على أراضيها.
بوتين يعترف باستقلال الانفصاليين الأوكرانيين
* في 21 فيفري أعلن قصر الإليزيه أن الرئيسين الروسي والأميركي وافقا مبدئيا على عرضه عقد قمة، لكن الكرملين اعتبر مثل هذا الاجتماع "سابقا لأوانه".
* أعلن الجيش الروسي أنه قتل 5 مخربين على أراضيه قدموا من أوكرانيا وأسر جنديا أوكرانيا، في اتهام نفته كييف.
* اعتبر بوتين أن عملية السلام في النزاع في أوكرانيا لا فرص لديها، فيما أعلنت كييف مقتل جنديين أوكرانيين ومدني في عمليات قصف نفذها الانفصاليون.
* أعلن بوتين اعتراف روسيا باستقلال منطقتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين في شرق أوكرانيا، وذلك في خطاب عبر التلفزيون الرسمي رغم تحذيرات الغرب بأن ذلك سيعرض روسيا لعقوبات شديدة.
* بث التلفزيون الرسمي لقطات يظهر فيها بوتين وهو يوقع في الكرملين اتفاقيات تعاون مع زعيمي المنطقتين.
* أمر الرئيس الروسي جيشه بدخول الأراضي الانفصالية في شرق أوكرانيا.
* أصدر بوتين مرسومين أمر بموجبهما وزارة الدفاع بأن "تتولى القوات المسلحة الروسية مهمة حفظ السلام على أراضي الجمهوريتين الشعبيتين دونيتسك ولوغانسك.
ما هي سيناريوهات الحرب المحتملة بين روسيا وأوكرانيا؟
تذهب آخر ترجيحات أجهزة الاستخبارات الغربية إلى أن الجيش الروسي يواصل انتشاره تمهيدا لـ"اجتياح واسع النطاق".
في هذا الإطار، قال خبير عسكري كبير، لـ"زود دويتشه تسايتونغ"، إن أجهزة الاستخبارات "باتت مقتنعة بأن روسيا استغلت الأسابيع القليلة الماضية لتعزيز قواتها على حدود أوكرانيا وبناء الخيارات العسكرية".
ونقلت الصحيفة عن خبير عسكري كبير قوله: "نفترض أن أكثر من ثلث القوات البرية الروسية الجاهزة للقتال موجود هناك".
وقدّر عدد الجنود بحوالي 106 آلاف، من دون أن يشمل هذا العدد أفراد القوات البحرية أو الجوية، ولا حتى القوات المسلحة للانفصاليين الذين تسيطر عليهم موسكو في دونباس.
وأفادت "زود دويتشه تسايتونغ"، نقلا عن أحد عملاء المخابرات، بأنه "إذا ما غزت القوات الروسية كل أوكرانيا، فمن المتوقع حدوث أعظم قتال في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية".
وذهبت الصحيفة أيضا إلى أنه تتمركز حاليا ما بين 55 و60 كتيبة "بي تي جي"، وهو الاسم الذي يطلق على أصغر وحدة يمكنها القتال بشكل مستقل وتتألف كل واحدة منها مما بين 400 و800 جندي، على بعد أقل من 300 كيلومتر من الحدود الأوكرانية، بالإضافة إلى وحدات الدعم والخدمات اللوجستية.
*الجزيرة والعربي الجديد